وقعت السيدة نينا الرحباني ضحيّة عمليّة نصب واحتيال من قبل (س.د) المسجون في مصر بتهم نصب واحتيال وتزوير وغسل أموال ومطلوب بعدّة مذكّرات توقيف في لبنان وأخرى من قبل الإنتربول الدولي. عرف (س.د) المحكوم بعشر سنوات وستة أشهر سجن، أنّ نينا هي الوحيدة القادرة على إخراجه من سجنه بفضل العلاقات التي تملكها وجمع عنها معلومات كثيرة من صديقة مشتركة قبل أن يتّصل بها من سجنه في مصر. وهكذا بدأت رحلة الإيقاع بنينا في شرك عمليّة نصب واحتيال محكّمة كانت نتيجتها إفلاسها وخسارتها لمنزلها وصحّتها والعيش على مساعدة المقرّبين منها. مكالمات هاتفيّة بالساعات يوميًّا لمدّة شهر كانت كافية لتعاطف نينا الرحباني مع (س.د) وشعورها بشيء نحوه. سافرت إلى مصر وقابلته في “سجن القناطر”، ودفعت مبالغ ماليّة كبيرة لإرضاء المخبرين والعسكريّين في السجن للوصول إليه ومقابلته.


حب داخل السجن

لم ينتظر (س.د) سوى أيّام ثلاثة فقط حتى طلب نينا للزواج! طلبه السريع هذا أثار ريبتها وريبة المحيطين بها، لكنّها وافقت على الزواج منه لأنّها كانت واثقة من أنّها تستطيع أن تخرجه من سجنه حيث كان قد أمضى خمس سنوات أيّ ما يعادل نصف مدّة العقوبة تقريبًا. واطّلعت نينا في ما بعد على ملفّ قضيّته تمهيدًا للإنطلاق برحلة مساعدته. وطلب موظّف (س.د) المدعوم، منها مبلغًا من المال فأعطته 2000 دولار. وعادت إلى لبنان بعد مدّة من إقامتها في فندق “شيراتون” القاهرة في كانون الثاني من العام الماضي. وأرسلت للموظّف نفسه أيضًا مبلغ 10000 دولار على دفعتين عبر مكاتب “وسترن يونيون” بحجّة أنّ هذه الأموال سيتمّ استخدامها لتسهيل أعمال للمدعو (س.د). وتحتفظ نينا برسائل (س.د) الغرامية، وتنظر بحسرة إلى هاتفها كونه هو وسيلة التعارف الأولى بينها وبينه، وهو بداية عمليّة النصب والإحتيال التي تعرّضت لها. ومن يجلس معها لا يمكنه إلّا أن يلاحظ علامات الحزن والقلق البادية على ملامحها والتي تؤكّد أنّ عواطفها استنفذت كأموالها. وتوضح نينا: “سافرت بعد أسبوع إلى مصر واتصلت بصديقي محمد الديراوي كونه صديق النائب العام واجتمعت به وطلبت منه مساعدتي لإخراج (س.د) من سجنه. فوافق على طلبي شرط إعطائه مبلغ 30000 دولار متذرّعًا بأنّ هذه الأموال لرشوة حاشية النائب العام والقضاة لتسهيل العملية. وافقت على طلبه فبادرني مطالبًا بمبلغ مليون دولار أميركي له وحده بعد إخراج (س.د) من السجن”. وكانت نينا برحلة مستمرّة بين لبنان ومصر وهمّها الوحيد هو إنجاز المعاملات لإخراج (س.د) من سجنه خلال جلسة محكمة النقض، والتي كانت مقرّرة في شباط 2011. وبدأت الثورة المصرية وتوقّف عمل المحاكم هناك، لذا طلب منها الديراوي دفع مبلغ الـ 30000 دولار كأتعاب ورشاوى لإخراج (س.د) من سجنه بطريقة غير شرعيّة. وكانت نينا على تواصلٍ مع السفارة اللبنانيّة في مصر، وعلى اتّصال دائم بالقنصل المنتدب هناك. وتكلّفت بمصاريف (س.د) من مأكل ومشرب له ولحاشيته في السجن واتصالاته الهاتفيّة، وإعطاء إحدى السيّدات المنتدبة من قبله مبالغ ماليّة بحجّة تسيير أعمال خاصّة به. وتكشف نينا: “اضطررت لبيع منزلي في منطقة المتن في لبنان بـ 100000 دولار علمًا أنّ ثمنه الحقيقي هو 195000 دولار لاحقًا للغاية نفسها”.

“تزوّجت (س.د) ورشت الطبيب الشرعي”

وتتابع: “تزوّجت من (س.د) بتاريخ 12 كانون الثاني 2011 بموجب توكيل منه لصهره الذي سافر إلى مصر لهذه الغاية بعد أن دفعت ثمن بطاقة وتأشيرة سفره وبعد الإستحصال على إذن السفارة اللبنانيّة بمصر واستيفاء كامل المستندات المطلوبة”. نفدت أموال نينا التي بدأت بالإستدانة من أصحابها للإستمرار بالصرف على قضيّة (س.د) واستدانت من صديقها في لبنان المدعو (أ) مبلغ 43000 دولار حيث وصل مصروفها اليومي في مصر كمصاريف (س.د) إلى حوالي 17000 جنيه مصري. وبعدما تعرّف (أ) على (س.د) نصب عليه مبالخ ماليّة أيضًا.
وتعرّفت نينا إلى مسؤول في القضاء المعني بقضية (س.د) يدعى (هـ.د) الذي أنكر علمه بأيّ محاولات لإخراج (س.د) ولم يتلقّ لا هو ولا أي من المعنيّين مبالغ مالية تذكر من الديراوي علمًا أنّ الأخير أوهم نينا أنّ المبالغ الطائلة التي أخذها منها وزّعها كرشاوى على مساعدي مسؤول في القضاء وحاشيته
لإخراج (س.د) من سجنه. وتؤكّد نينا: “لم أتراجع عن هدفي وقمت برشوة مسؤول في مصر ومسؤول في سجن القناطر وصولًا إلى الطبيب الشرعي مبلغ 50000 جنيه مصري للحصول على تقرير صحي يؤكّد إصابة (س.د) بمرض عضال ممّا سهّل عمليّة الحصول على إذن إفراج صحّي له”.
(س.د) خارج القضبان
وخرج (س.د) من مديرية الأنتربول بتاريخ 5 أيّار 2011 كونه مطلوبًا من قبل الأنتربول الدولي بمذكّرات نصب واحتيال في لبنان وقضية أحد البنوك، بعد أكثر من خمسة أشهر، لم تبخل خلالها نينا عليه لا بوقتها ولا بتعبها في الدوائر الحكوميّة والدبلوماسيّة والسجون ولا بمالها ولا حتى بنفسها!
عادت نينا إلى لبنان لتوكيل المحامي إيلي كفوري لدفع كفالات إنتربول (س.د) بقيمة 70 مليون ليرة لبنانية وتوكيله بحضور جلسات المحاكمة للدفاع عنه كونه مطلوبًا بأكثر من 18 مذكّرة توقيف. وبقي (س.د) في هذه الأثناء في مصر كونه لا يستطيع مغادرتها ومضطرًّا للخضوع للكشف الطبي المستمرّ بعد خروجه من السجن بإفراجٍ صحّي، لتعود نينا وتكتشف خياناته لها أثناء غيابها في لبنان، وركضها وراء قضاياه ومشاكله مع اللأنتربول.

“أنا مفلسة وبلا منزل”

وبدأت المشاكل بين نينا و(س.د) بعد عودتها إلى مصر واكتشافها خياناته ووصلت المشاحنات بينهما إلى حين طلبت منه الطلاق بحضور الديراوي الذي نصحها بعدم خسارة (س.د) حيث اجتمعا معها وتمّ احتساب كلّ ما صرفته من مبالغ ماديّة التي وصل مجموعها إلى ما يعادل 357000 دولار أميركي، ووعداها بإعادة هذه المبالغ لها بمدّة أقصاها الشهرين. وتؤكّد نينا أنّها تملك تسجيلات بصوت (س.د) تثبت حقّها بالمبالغ التي صرفتها. وقد عادت إلى لبنان منذ ستة أشهر، وهي تنتظر أن يعيد لها (س.د) أموالها وأن يمنحها الطلاق وحتى اللحظة لم يفِ بوعده لها. علمًا أنّها تطلب منه أن “يعيد لها فقط ثمن بيتها لتستطيع أن تلمّ شمل أسرتها المكوّنة من إبنتها وابنها، كما تطلب منه الطلاق أيضًا”، مؤكّدة أنّها “لا تستطيع رفع دعوى طلاق لأنّها لا تملك المال لذلك”. وتختم: “لا أريد منه ثمن أتعابي وصحّتي التي خسرتها علمًا أنّ أصحابي الآن يدفعون إيجار منزلي، ويشترون لي الدّواء، وابني بلا جامعة وابنتي بلا مدرسة كوني عاجزة عن دفع الأقساط لهما”.